ترامب وهاريس.. هل يتجه الشرق الأوسط نحو الردع أم الدبلوماسية؟

ترامب وهاريس.. هل يتجه الشرق الأوسط نحو الردع أم الدبلوماسية؟

غيث المجهول
By -
0


 مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يبرز تساؤل جوهري حول اتجاه السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.

المنطقة التي تواجه تحديات أمنية وسياسية معقدة تحتاج إلى جهود دبلوماسية مكثفة وتنسيق دولي لتحقيق الاستقرار. 

في حين أن بعض المرشحين يعدون بالتركيز على تعزيز استقرار المنطقة عبر الشراكات والردع الدبلوماسي، لا يزال هناك تخوف من احتمال تقليص الولايات المتحدة لدورها التقليدي كضامن للأمن في الشرق الأوسط. هذا الانسحاب قد يخلق فراغًا سياسيًا وأمنيًا يزيد من تعقيد الأوضاع في المنطقة.

وفقًا لتحليل نشرته وكالة الأنباء الألمانية، أشارت سانام فاكيل، الباحثة السياسية ومديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، إلى أن غياب الاستقرار في الشرق الأوسط يؤدي إلى استياء شركاء الولايات المتحدة، نتيجة تراجع إدارة الصراعات في المنطقة عن قائمة الأولويات الأمريكية.

ومع مرور عام على حرب إسرائيل في غزة، وفتح جبهة جديدة في لبنان، وظهور تصعيد مباشر بين إسرائيل وإيران، يتطلع الكثيرون إلى أن يتبنى الرئيس الأمريكي المقبل دورًا أكثر جرأة في معالجة هذه التحديات المتفاقمة.

تشير سانام فاكيل إلى أن القادة في المملكة المتحدة، وأوروبا، والشرق الأوسط يتطلعون إلى من يتولى البيت الأبيض ليلعب دورًا أكبر في كبح جماح إسرائيل، وتحقيق تقرير المصير للفلسطينيين، أو على الأقل الدفع باتجاه عملية سلام، إضافة إلى احتواء التدخلات الإيرانية وبرنامجها النووي.

توضح فاكيل أن تجاهل التحديات الإقليمية المتصاعدة، كما حدث خلال العام الماضي، يشكل خطرًا كبيرًا. ورغم أن من السذاجة توقع أن تعطي كامالا هاريس أو دونالد ترامب أولوية لإدارة صراعات الشرق الأوسط على حساب قضايا أخرى مثل الهجرة، الاقتصاد، الحرب في أوكرانيا، أو المنافسة مع الصين، إلا أن تجاهل هذه التحديات الإقليمية يظل محفوفًا بالمخاطر.

لإحداث تأثير مستدام في المنطقة، ترى فاكيل أن هاريس أو ترامب بحاجة إلى العمل بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين والبريطانيين وقادة الشرق الأوسط، لتأسيس عمليات متعددة الأطراف تسهم في بناء أسس أقوى للاستقرار الإقليمي.

تظهر سياسات ترامب وهاريس تجاه الصراع في الشرق الأوسط نيتهما المحدودة في تغيير المسار الحالي، وهو ما برز خلال هجمات 7 أكتوبر وما تلاها. وفي الأشهر الـ12 الماضية، بدا واضحًا تقليص الولايات المتحدة لأولوية المنطقة، حيث دعمت إدارة بايدن إسرائيل سياسيًا وعسكريًا، ولكنها لم تنجح في تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار، أو تأمين الإفراج عن الرهائن، أو الحفاظ على الإغاثة الإنسانية بشكل منتظم، أو وضع خطة لـ"اليوم التالي".

بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الاتفاقية المؤقتة بين الولايات المتحدة وإيران، التي تهدف إلى منع تسريع البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف محدود للعقوبات، حدود القدرة على تقسيم القضايا عندما يتعلق الأمر بإدارة ملفات معقدة مع طهران.

تُظهر سياسات ترامب وهاريس تجاه الصراع في الشرق الأوسط نواياهما المحدودة لتغيير المسار الحالي، حيث يدرك كلاهما أن السياسات المتعلقة بالشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بإسرائيل وفلسطين وإيران، أصبحت ساحة حساسة مليئة بالتحديات الحزبية في الولايات المتحدة، ما قد ينفر الناخبين. 

ورغم اختلاف خططهما، مع ميل ترامب إلى نهج أكثر أحادية، فإن كلا المرشحين سيواصلان تقليص إدارة الصراعات لصالح تعزيز مسؤولية الدول في المنطقة لتحمل المزيد من العبء.

### هل سيُحدث ترامب فرقًا؟


وعد دونالد ترامب باتباع نهج أكثر صرامة يركز على تقليص النزاعات وتعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة. فيما يتعلق بإيران، أوضح ترامب أنه سيعود إلى سياسة "الضغط الأقصى" على طهران، بهدف التوصل إلى اتفاق جديد معها أو على الأقل فرض قيود أكبر على أنشطتها النووية والإقليمية. 

خلال رئاسته السابقة، قاد ترامب الولايات المتحدة إلى الانسحاب من **خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015**، المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني، مؤكداً أن هذه الخطوة وضعت ضغوطاً اقتصادية على إيران وأضعفت قدرتها على تمويل الجماعات التي تعمل بالوكالة عنها في المنطقة.

مستشاروه أشاروا إلى أنهم سيتابعون حملات "الضغط الأقصى"، مع توفير دعم أكبر للمعارضة الإيرانية والنشطاء. ومع ذلك، من دون وجود أهداف واضحة أو استعداد للتفاوض مع طهران بشأن أنشطتها النووية، قد تكون النتيجة جولة جديدة من عدم الاستقرار في المنطقة.

ترامب وعد أيضًا بإنهاء الحرب في غزة "فورًا" في حال عودته إلى البيت الأبيض، رغم أن تفاصيل كيفية تحقيق ذلك لا تزال غامضة. على مستوى أوسع، من المتوقع أن يضاعف جهوده لتعزيز اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وخاصة السعودية، مع محاولة تجاوز القيادة الفلسطينية والتركيز على توسيع نطاق التطبيع الإقليمي.

### بالنسبة لكامالا هاريس،

 وعلى الرغم من خطابها المتشدد الأخير تجاه إيران، من المتوقع أن تركز على تعزيز الجهود الدبلوماسية لتهدئة وإدارة التوترات مع طهران بدلاً من اتباع سياسة "الضغط الأقصى" التي انتهجها ترامب. ومن المرجح أن تبني هاريس على الجهود الرامية إلى إحياء نموذج جديد يُمكنه احتواء البرنامج النووي الإيراني.

تتوقع هاريس اتباع استراتيجية توازن بين الانخراط الدبلوماسي والضغط، بهدف منع إيران من الحصول على سلاح نووي، مع التعامل بفاعلية مع أنشطتها الإقليمية المزعزعة للاستقرار. 

### فيما يتعلق بإسرائيل وفلسطين:

دافعت هاريس بشدة عن أمن إسرائيل، لكنها حاولت اتخاذ موقف أكثر توازنًا مقارنة بترامب وبايدن، حيث دعت إلى ضرورة الحفاظ على أمن إسرائيل، ولكن مع التشديد أيضًا على أهمية المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين للوصول إلى حل الدولتين. 

على عكس بايدن، أولت هاريس اهتمامًا أكبر بالقضايا الإنسانية في غزة والضفة الغربية، وانتقدت بشدة الإجراءات الأحادية التي تعرقل عملية السلام، مثل توسيع المستوطنات الإسرائيلية.

### الخلاصة:
تختتم سانام فاكيل تحليلها بالإشارة إلى أن "كلا المرشحين الرئاسيين، ترامب وهاريس، عليهما إدراك أن الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مزيج من الردع والدبلوماسية والانخراط المتعدد الأطراف. ومن الواضح أن الولايات المتحدة بمفردها لن تكون قادرة على حل النزاعات أو تقديم حلول شاملة."

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)