الثلاثاء ، 8 أبريل 2025 - 3:45:00 ص
مسيحيو العراق: نزيف الهجرة وصرخة حقوق ضائعة في أرض الأجداد

مسيحيو العراق: نزيف الهجرة وصرخة حقوق ضائعة في أرض الأجداد

غيث المجهول
By -
2 minute read
0


 المسيحيون في العراق.. هجرة مستمرة وحقوق ضائعة

المسيحيون في العراق يُعتبرون من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم، حيث يعود تاريخ وجودهم إلى القرون الأولى للميلاد. ومنذ ذلك الحين، كان لهم دور بارز في بناء الحضارة العراقية على مر العصور، سواء في المجالات الثقافية، العلمية، أو الاقتصادية. ولكن مع الأسف، فإن هذا المجتمع العريق يواجه تحديات متزايدة تهدد وجوده في أرضه الأم.

الهجرة المستمرة: بين التهجير القسري والبحث عن الأمان

بدأت موجات هجرة المسيحيين من العراق بشكل ملحوظ منذ تسعينيات القرن الماضي بسبب الحروب والعقوبات الاقتصادية. ومع الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، تفاقمت معاناة المسيحيين نتيجة انتشار الفوضى الأمنية وظهور الجماعات المسلحة. هذه الجماعات استهدفت المسيحيين بالقتل والاختطاف، ما دفع الآلاف منهم إلى الفرار بحثًا عن الأمان.

وكانت كارثة سيطرة تنظيم "داعش" على مناطق واسعة في العراق عام 2014 بمثابة الضربة القاضية للمجتمع المسيحي في البلاد. حيث أجبر التنظيم المسيحيين في الموصل وسهل نينوى على ترك منازلهم، وفرض عليهم خيارات قاسية: اعتناق الإسلام، دفع الجزية، أو الموت. أدى ذلك إلى نزوح جماعي للمسيحيين إلى إقليم كردستان العراق أو خارج البلاد.

حقوق ضائعة في ظل التهميش

رغم التحسن النسبي في الوضع الأمني بعد هزيمة تنظيم "داعش"، لا يزال المسيحيون يعانون من التهميش وفقدان الحقوق. فقد تعرضت ممتلكاتهم وأراضيهم في بغداد ونينوى إلى الاستيلاء غير القانوني، سواء من قبل جماعات مسلحة أو أفراد يستغلون ضعف سيادة القانون.

كما يعاني المسيحيون من نقص التمثيل السياسي الحقيقي، حيث يتم تهميشهم في المناصب الحكومية وصنع القرار. ورغم وجود "كوتا" مخصصة لهم في البرلمان العراقي، إلا أن تأثيرهم على السياسات العامة يظل محدودًا.

آثار الهجرة على الهوية العراقية

الهجرة المستمرة للمسيحيين تُعتبر خسارة كبيرة للعراق، فهي لا تؤثر فقط على التنوع الديني والثقافي في البلاد، بل تفقد العراق أيضًا جزءًا من إرثه الحضاري. لقد كان للمسيحيين دور هام في إثراء التراث العراقي من خلال كنائسهم القديمة، مخطوطاتهم النادرة، وإسهاماتهم في الأدب والفن.

ما الحل؟

لحماية ما تبقى من المجتمع المسيحي في العراق، يجب اتخاذ خطوات جدية تشمل:

  1. تعزيز الأمن: ضمان حماية القرى والمناطق المسيحية من أي تهديد أمني.
  2. إعادة الإعمار: توفير الدعم اللازم لإعادة بناء المناطق التي دمرتها الحروب والنزاعات، وخاصة سهل نينوى.
  3. إنصاف قانوني: محاسبة الجهات التي استولت على ممتلكات المسيحيين وإعادتها لأصحابها الشرعيين.
  4. إشراكهم في صنع القرار: ضمان تمثيل سياسي فعّال للمسيحيين في الحكومة والمؤسسات العراقية.
  5. تعزيز ثقافة التعايش: نشر الوعي بأهمية التنوع الثقافي والديني في بناء مجتمع متماسك.

ختامًا

إن مستقبل المسيحيين في العراق يتوقف على الإرادة السياسية والمجتمعية لإنهاء معاناتهم، والاعتراف بدورهم الأساسي في بناء الوطن. فبقاؤهم في العراق لا يُعد مجرد حق لهم، بل هو ضرورة للحفاظ على التنوع الثقافي والديني الذي يُميز هذا البلد منذ آلاف السنين.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)